مذكرات نجلاء الجزء الاول _ قصة قصيرة
بسم
الله الرحمن الرحيم
حكايات
نجلاء
بسم
الله الرحمن الرحيم
نجلاء
فتاة بعمر السادسة عشر ، ولدت بين ثلاثة
أولاد ، منذ نعومة أظفارها وهي هادئة ،
لا تبكي إلا فيما ندر ، ولدت نجلاء بعد
صلاة الفجر ، ومن يوم ولادتها وقد ثارت
التساؤلات حولها .
فقد
كانت ذات عيون خضراء ، لم يكن من المعتاد
رؤية فتاة بعيون خضراء ، تقول الجدة أن
لديها عمة كانت تحمل نفس عيون نجلاء ،
وهذا أمر نادر الوجود .
رغم
أن نجلاء هي فتاة وحيدة بين ثلاثة أولاد
إلا أنها لم تكن مدللة ، أو أن الدلال لم
يبدوا عليها مطلقا ، إنها لا تطلب شيء
لنفسها ، نجلاء مثل الطيف بالمنزل ، لا
تتكلم إلا نادرا ولا تبكي حتى عندما تتعرض
للأذى من قبل إخوتها ، نجلاء هي المفضلة
عند الجدة ، كبرت وهي بأحضانها ، لم تكن
حياة نجلاء بالحياة الواسعة ، المدرسة
وغرفتها و الجدة ، هذه هي حياة نجلاء .
لم
تكن الأم مهتمة كثيرا بما تفعله نجلاء
بحياتها ، ولكن كلما طالت الأيام كلما
طال تساؤل الأم ، نجلاء تعتزل بغرفتها ،
تجلس بالظلام وحيدة وهي تبتسم ، ثم تنطلق
إلى جدتها ، تجلس مع الجدة تتهامسان وعند
حضور أي شخص تصمت الهمسات ، تساؤلات الأم
تزداد مع مرور الأيام ، ربما هي الغيرة
بسبب قرب الطفلة من جدتها وبعدها عن الأم
، أو ربما هو فضول المرأة ، نجلاء بعمر
السادسة عشر ولم يكن لها أصدقاء ، لم تتصل
بها فتاة بيوم من الأيام ، أو أن إحدى
صديقاتها قامت بزيارتها ، ومع مرور الأيام
عرفت الأم أن نجلاء ترفض الصداقات ، لم
تعطي رقم منزلها لأي فتاة ، ولم تحاول
التقرب من أي فتاة ، كانت منعزلة بشكل
كامل ، حتى أن المدرسة زارتهم بيوم من
الأيام لعلها تكتشف سبب عزلة نجلاء ، ولكن
لم تصل إلى نتيجة تذكر .
قررت
الأم اقتحام حياة طفلتها نجلاء ولو بالحيلة
، انتظرت حتى غادرت نجلاء غرفتها إلى
الجدة لتتهامسان من جديد ، دخلت الأم
الغرفة ، كانت تعرف أين تبحث ، مذكرات
نجلاء ، هذا هو هدف الأم ، لم تكن الفتاة
تخفي مذكراتها بعيدا ، لقد كانت تضع
المذكرات على طاولة الكتب ، جلست الأم
على الطاولة وأخذت نفسا عميقا ثم فتحة
دفتر نجلاء.
الصفحة
الأولى
كتب
فيها ((
مذكرات
نجلاء))
أما
الصفحة الثانية
كانت
عبارة عن رسمه بسيطة لثلاثة أولاد وقد
وضعة لهم قرون و أذيال ، وفتاة تقف بعيدا
، تبسمت الأم ,
فقد علمت
أن هذه الفتاة هي نجلاء أما ثلاثة شياطين
فهم أخوتها .
الصفحة
الثالثة
الصفحة
الثالثة رسمه أيضا ، كان الرسم عبارة عن
سيدتان وشاب وفتاة بالوسط وأحدى السيدتين
كبيرة بالسن ، وبعيدا عنهم ثلاثة أولاد
وقد كتب تحت كل صورة
..
أمي أبي
أنا جدتي أخوتي
الصفحة
الرابعة
هنا
تبدأ مذكرات نجلاء ،
كتب
أعلى الصفحة 27_5_2004
((
اليوم قررت
أن أكتب كل ما تقوله لي مريم ، أخاف أن
انسي ما تقوله لي مع مرور الأيام ، اليوم
زارتني مريم وقد تبسمت لي وهي نادرا ما
تفل هذا ، سألتني عن أحوال المدرسة ، رغم
أني أخبرها بما جرى لي إلا أني لا أظن أنها
فهمتني ، فرغم أنني شرحت لها كثيرا عن
المدارس والتعليم ولكنها لم تفهم ، حاولت
كثيرا ذلك ورغم هذا فهي تسألني باستمرار
عن المدارس وعن التعليم وعن الحياة خارج
المدارس ، وبعد أن أخبرتها بكل شيئ حصل
لي اليوم
نظرت
من خلال نافذة غرفتي إلى الفضاء الخارجي
، ثم بدأت تتكلم.
انتهت
الصفحة عند هذا الحد ، قبل أن تقلب الأم
الصفحة سألت نفسها من مريم ومنذ متى هي
تزور أبنتي ..
وكيف لا
تعرف المدرسة ، وكيف تزور نجلاء بدون علمي
، كانت تساؤلات الأم بلا إجابات، قلبت
الصفحة وكان عنوان الصفحة التالية .
نداء
قبل
ألف عام ، بقرية صغيرة لم يسمع بها إلا
القليل من الناس ، استيقظ أهلها وبينهم
طفلة لا يعرف من أين من هي ، فقط أصبحت
تمشي بينهم ، الجميع يتساءل من أين أتت
؟ ولكن لا أحد يجيب ، حتى عجائز القرية
يسألن من أين أتت هذه الطفلة ؟، كانت
الطفلة بالسابعة من عمرها ، تتكلم بكل
طلاقة ,
ولكن إن
سألها أحد من أين أتيت تنظر حولها كأنها
تبحث عن شيء ما ثم تقول لا أعرف ، أين أهلك
، أيضا لا تعرف ، كان الجميع يسألها والجميع
متعجب منها ، إلا هي فقد كانت بعيدة عنهم
، تتطلع إلى الأطفال المجتمعين حولها،
كأنها تنتظر الفرصة لكي تلعب معهم ، وظلت
الطفلة حديث القرية إلى أن حل المساء ،
وعندما غربت الشمس الجميع نسي الطفلة ،
أو هكذا أراد كل شخص في القرية أن يظن من
حوله أنه نسيها، ورجع إلى بيته ، لتبقى
الطفلة وحيدة بتلك القرية ، في الصباح
الباكر لم يقدم لها أحد كسرة خبز أو تمرة
، ظلت تلك الطفلة وحيدة تنظر إلى السماء
البعيدة بصمت وسكون
وهي
تبتسم
إلى
أن طلع عليها الصباح ، ليجتمع الناس من
جديد ، لتدور لعبة الأسئلة من جديد ، من
أين أتيت ومن هم أهلك ، ولم يسأل أي شخص
منهم أين قضيت ليلتك ، أو هل أكلت ، وعند
المساء تفرق الناس جميعا ، كما تجمعوا ،
أما اليوم الثالث فقد ظهر الجوع الشديد
على الطفلة ، وأخذت تلملم بقايا الطعام
من أمام البيوت ، أو حتى تمتص الحشائش ،
الناس ينظرون ولكن لم يهتم أحد بها ، إلى
أن مر عليها سبعة أيام ، وبعدها أمطرت
السماء مطرا غزيرا ، كانت قطرات المطر
أكبر من المعتاد والبرد شديد جدا ، ورغم
أن الجميع يعلم بأمر الطفلة ومكانها إلا
أن أهل تكل القرية لم يذهب أي منهم لها ،
ليتفقدها ويعلم حالها ، وأغلقوا باب
التفكير ، إلى أن جاء اليوم الثالث من
أيام المطر الغزير ، حيث توقف المطر وهدأ
الجو وصفت الدنيا ، خرج الناس من بيوتهم
وهم فرحون ، لم يقطع فرحتهم منظر فتاة
صغيرة بالسابعة من العمر ميتة على جانب
الطريق وقد أزرق وجهها من البرد وهزل
جسدها من الجوع ، فقط كل ما قاموا به هو
حملها إلى أقصى القرية ودفنها بحفرة دون
صلاة ولا كفن .
بعد
أربعين يوما من موت الطفلة ، أصيب أطفال
القرية جميعا بمرض غريب ، حيث اخذوا يضعفون
ويذبلون كأنهم لم يأكلوا منذ أيام عديدة
، وأخذت أجسادهم تهزل وتضعف قواهم إلى أن
يأتيهم طائر الموت ، ومن الغريب أنهم
يموتون وقد أزرقة وجوههم كأنما قتلهم
البرد الشديد وليس الجوع، لم يعرف احد
علاج لذلك المرض ، ولم تفدهم اعشاب العطارين
،ونيران الأولياء ، وحجب العرافين ، لم
يعش بتلك القرية طفل ، ولم يبقى فيها سوا
كبار السن الذين شهدوا موت أبنائهم ، ومع
الزمن مات كل من بالقرية ، أخذ الموت يحصد
أرواح رجال ونساء القرية ، وحدا تلو الآخر
، ولم يشهد موتهم أحد ، ونسي الناس حياتهم
ومماتهم ، ربما لأنهم لم يعلموا بهم أصلا
.
نظرت
الأم إلى تلك القصة وقد اختلطت الأفكار
برأسها ، من أين أتت نجلاء بتلك القصة ،
أهي من خيالها ، أم أن مريم الفتاة المجهولة
هي التي قصتها عليها ، ولأول مرة شعرة
الأم بأنها لا تعرف نجلاء ، وكأنها أتت
من عالم آخر ، لم طلق الأم ترك العنان
لأفكارها فقلبت الصفحة وقرأت :
عندما
فرغت مريم من قصتها شعرت بضيق بصدري ، لم
أستطع التنفس أو الكلام ، لا أدري هل كان
ذلك حزنا على الطفلة مريم ، أم بسبب حزني
على أهل القرية ، ترى هل استحقوا هذا
العقاب ، ولكن مريم نظرت إلي وقالت :
_
لقد استحقوا
هذا ، لا تحزني عليهم وأنا لن احزن عليهم
أيضا .
نظرت
إلى عيني مريم ، لم اقصد النظر إليها ولكن
، وجدت أن مريم لها نظرة مختلفة عن نظرتي
للحياة ، كم أمل أن افهم كيف تنظر مريم
للحياة .
وكالعادة
طلبت مني مريم أن انقل القصة لجدتي وأن
اخبرها بأن ما جرى لهم هو العدل ، وأن
اخبرها بأن مريم تشتاق لها كثيرا .
هنا
انتهت الصفحة ، لم تكن الأم راضية بهذا
القدر القليل من المعلومات الغير طبيعية
عن حياة ابنتها ,
لذلك قررت
أن تعاود القراءة بيوم آخر ولكن ليس الآن
حتى لا تكتشف نجلاء ما فعلته الأم .
سوف
يتم إكمال هذه السلسلة من حكايات نجلاء
بعد مدة طويلة
جمييييل .. تحمست جدًا
ردحذف