مذكرات شهيد _ قصة قصيرة
بسم الله الرحمن الرحيم
مذكرات
شهيد
دائما ما كنت أقول في نفسي أن الرصاصة الروسية هي أكبر حجما من الرصاصة الأمريكية ، ولقد كنت صادقا ، لقد فتحت تلك الرصاصة بصدري ثغرة بإمكان يد طفل صغير أن تلج داخلها .
لم أشعر بالألم ولكني شعرت بقرصة خفيفة بصدري كأنها قرصة بعوضة وعجزت عن الكلام ، لقد رأيت بعيني كل ما قد مضى من حياتي ، ولادتي ، طفولتي ، الحجارة التي لطالما قذفتها على اليهود , والغريب أنني أذكرها حجرا حجرا !!
ثم هجرتي لقارة العم سام ، ثم جهادي بأفغانستان وأخيرا هنا بأرض الدب القطبي ، ليس الغريب في قصتي هذه الموت ، فكلنا سنموت يوما ما , ولكن الغريب هو عدم شعوري بالألم , فلم أشعر بأي ألم ، والدموع التي لم تتوقف هي الأمر الغريب ، أخوتي بأرض المارقة ، أخوتي بأفغانستان ، أعتذر لكم ، لا أستطيع حمل السلاح والإنشاد معكم ، لم يعد باليد حيله ، هو امر الله الذي لا مفر منه ، وهاهم أخوتي هنا يلقنونني الشهادة
قل لا إله إلا الله .. قل لا إله إلا الله ... قل لا إله إلا الله
لم يكن من العسير علي النطق فقد لقنتها أمي وهي تفارق الدنيا إلى رحمة ربها ، لم تصعب علي عندما لقنتها أخي أبو محمد وقد لدغته الرصاصة الأميركية ، لم تعجزني عندما لقنتها أخي سعيد المصري عندما فقد نصف جسده ، ولكني الآن بت أنظر إلى وجهوهم ودموع أخي سليمان العنزي لا تتوقف ، وأخي هادف اليمني وعثمان السوداني يغطيان دمي ، ومن ورائهم رأيت ما لا أستطيع أن اصف ، هل صدقت ربي حتى أرى ما أرى .
ذلك هو الوعد الحق ، وعد سيدي وحبيبي سيد الأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لم أصف ما رأيت لأخوتي ولكني نطقت بها فرحا وليس حزنا على ما قد مضى .
تلك اللحظة ذكرت قول حبيبي وسيدي بلال إبن رباح رضي الله عنه
لا تقولي وا ويلتاه بل قولي وا فرحتاه فغدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه
رفعت أصبعي موحدا بأسم ربي الأعظم وقلت كما قال هارون الرشيد
يامن لا يزول ملكه أرحم اليوم من قد زال ملكه
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن حبيبي محمد رسول الله
ولم أستطع النطق بعدها ولم أشعر بشيء
================
تلك هي آخر ذكرياتي من الحياة
تعليقات
إرسال تعليق