الاشباح لا تنام الجزء الاول _ قصة رعب

بسمالله الرحمن الرحيم


الأشباح لا تنام 1

لا أدري من أين أبداء وكيف أنتهي ، لا أعلم كيف أصف لكم ما كان بذلك اليوم المشؤوم ولكن سأحكي لكم ما قد جرى من البداية حتى النهاية ولن أغفل شيء .

كنا ثلاثة بتلك السيارة العتيقة نقطع طريقا من ولاية البريمي بسلطنة عمان إلى محافظة صلالة بنفس الدولة كنت أنا سالم وصاحبي سعيد وأخي الأصغر فهد

نشق طريقنا بتلك القفار إلى حيث نبتغي عندما وصلنا بعد مسافة 289 كم تقريبا إلى ولاية بهلاء حيث حل التعب مكان النشاط والكسل مكان الحماس , شعرنا برغبة في الراحة كان الوقت ليلا عندما توقفنا عند محل تجاري وحيد يسود الظلام من حوله من جميع الجهات ولا أحد هنالك سوى ظلمت الليل وعواء الكلاب من بعيد ولا شيء , حتى نجوم السماء اختفت خلف السحب المتراكمة نزلنا من السيارة أنا وسعيد حيث كنا بالمقدمة ثم من بعدنا نزل فهد وقد كان مقعده هو المقعد الخلفي , دخلنا المحل لنشتري ما نريد ألتفت يمينا وشملا ولم أجد أحدا بالمحل صفق صاحبي سعيد بيديه حتى يسمع صاحب المحل , ويعلم أننا هنا ولكن لا مجيب , أما أخي فقد أخذ يلملم من الثلاجة ما يريد من مشروبات ومن حلويات وأكلات خفيفة .
صاحبي سعيد يشهق كما لو كانت شهقت الموت وزجاجات العصير تسقط من يد أخي فهد ألتفت فإذا بصاحبي ينظر إلى باب المحل نظرت فإذا برجل موشوه تماما نصف وجهه محروق وإني لأكاد أقسم أني رأيت الدخان يخرج من وجهه وملابسه , عينه اليمنى تكاد أن تخرج من محجرها شعرت أن روحي تقفز من جسدي من روع ما رأت عيني .

تكلم ذالك الوجه المرعب بصوت عميق كأنما يأتي من أعماق جوفه مما أثار الرعب بنفسي وجعل أنفاسي متقطعة وأما أخي الصغير فالتصق بظهري من الخوف .
قال :
_ هل أخدمكم بشيء ؟
لم استطع الكلام ولكن سعيد هو الذي تلكم بعد أن لملم شتات نفسه :
_ نريد شراء بعض الحاجيات والذهاب .
هنا تكلمت أنا وسألته :
_ هل أنت بخير ؟
قال :
_ نعم .... لماذا ؟
تعجبت من إجابته ولم أستطع الكلام أكثر , فقد كان فهد مسارعا أكثر مني بأخذ ما نحتاج إليه والركض خارج المحل فقمت أنا بمحاسبته ثم الخروج
سمعته يقول وأنا خارج :
_ عد إلي ثانية .
عندها تمتمت قائلا :
_ نعم عندما أفكر بزيارة الجحيم .
ركبت السيارة وتسلم صاحبي سعيد قيادة السيارة , بينما أخذ فهد يوزع علينا المشتريات .
_ لن أعود إليه مرة أخرى ..... كيف يستطيع العيش بها كذا وجه ؟
قالها فهد :
فأجابه سعيد :
_ لو كانت أنت مكانه لأجبرت على العمل ومقابلة الناس بوجهك ذاك فلا خيار لك سو العمل والصبر على ما ابتلاك الله .... إن لله في خلقه شؤون ولو.........
قطع كلام سعيد أنوار سيارات كثيرة تجمعت ببقعة واحدة , نزلنا جميعا لنرى ما يحصل بعد أن اقتربنا منهم وجدنا سيارتا إسعاف وأناس كثر تجمعوا على بقايا سيارة محترقة وقف سعيد وأخي بعيدا عن المنظر بينما اقتربت أنا لأنظر ماذا يجري , فإذا بالممرضين يخرجون جثت رجل مرعب جدا حطام من حطام سيارة , ليس المرعب هو منظر ذالك الجسم المحترق بل ملامحه فقد كان ذالك الشخص صاحب المحل التجاري , هو بعينه نفس الحروق والثياب المتهرئة والعين الشبه مقلوعة من المحجر ولكني رأيت هذه المرة الدخان يخرج منه كدت أموت من المنظر .
المطر بدء بالهطول , وثيابي صارت مبتلة ودقات قلبي بدأت تتسارع وأنفاسي صارت متقطعة والناس من حولي يتفرقون .
رجعت إلى السيارة فوجدت فهد وسعيد يقف معهم شخص ثالث اقتربت منهم وقد عزمت على أن لا أتكلم بما رأيت .
سمعت سعيد يقول لذالك الشخص :
_ تفضل معنا فلا بأس بذالك .
كان شابا بالعشرين من عمره نظرت إليه وسعيد يقول لي :
_ يريدنا أن نوصله إلى مدينة نزوى وهي على بعد مائة كيلوا متر من هنا .
تصنعت التبسم وقلت :
- أهلا وسهلا بك .
ركب الغريب معنا وكان بمنتهى الهدوء ونظرات حالمة تخرج من عينيه بادرته السؤال :
_ من أنت ؟
فقال :
_ هادف من هنا من ولاية بهلاء .
قال فهد :
_ سمعت أن بهلاء مشهورة بالسحر والشعوذة .
تبسم ذالك الفتى وقال :
_ كان ذالك بغابر الأزمان أما الآن فليس هنالك من هذه التخاريف شيء .
قلت له:

أعلم أني أخطأت بالسؤال ولكن ما في القلب يفيض به اللسان .
لم تتغير نظرات ذلك الشاب للبعيد , كان ينظر لظلمة الليل البعيد والجبال السود .
_إنه عبدالله الراعي ، سمي بالراعي لأن والده كان يرعى الغنم لأهل القرى وبعد أن رزقه الله فتح دكان صغير على الطريق , ورث عبدالله الدكان ، وورث معها سبعة أخوات بعمر الزواج ، لم يشتكي ولم يتأفف زوج كل أخواته والبارحة كان عرس الصغرى ، أذكره جيدا كلما دخل عليه شخص الدكان كان يقول عد إلينا مرة أخرى ، أظنه سيعمل بالدكان حتى موته ، ألا تظن ذلك يا صاحبي ؟
شعرت بكلماته الأخيرة تخترق صدري ، نظرات سعيد وفهد تدل على فهم المقال ورغم ذلك خفنا من السؤال هل كان هو من خدمنا بالدكان أم لا ؟
حاولت تغيير الموضوع لعلنا ننسى ما قيل لنا :
_ذكرت أنك ذاهب لولاية نزوى وأنت من ولاية بهلاء , فماذا السفر بهذا الليل ؟
كان سؤالي ينم عن الفضول ربما لأنني أريد نسيان ما رأيت سابقا
_ أريد أن أرتاح فقط لا .
قال له سيعد :
_ تريد أن ترتاح .... هل أنت تعب ؟
فأجاب ذلك الشخص:
_ نعم للأسف .
صمت قليلا ثم أكمل ذلك الشاب :
- كان الأمر بداية عام 1300 هجري ...
قاطعه فهد بضحكة ساخرة من سوء علمه بالتاريخ الهجري , لكن الفتى وضع يده على رأس فهد وهو يبتسم ثم تابع قائلا :
_ بشهر رمضان رأيتها وكنت صائما كانت من بنات العشيرة ولم أعلم بوجودها قبلا كانت كما لو كانت بدرا بسماء صافية , فوقعت بنفسي موقعا حسنا وجئت أطلبها من أهلها ,لكنهم رفضوني بسبب فقري وطلبتها ثانية ثم رفضوني وصرت أتردد على دارهم إلى أن طردني أهلها وكادوا يقتلونني وزوجوها بغيري , اليوم ماتت وأنا قادم من جنازتها وأطلب الراحة .

شعرت ببعض الراحة لقصته ، لقد أنستني ما رأيت ، ولكن فجأة وقبل أن نصل إلى نزوى بعشرين كيلوا مترا سمعت أخي من خلفي وهو يشهق كما لو كان يبكي ألتفت لأرى ماذا حل به لأكتم صرختي بأعماق جوفي حيث رأيت قطا أسود كأنه ظلمت الليل وعيناه تبرقان بلون أخضر , وهو ينظر إلي وكأنما الدموع تسقط من عينه سعيد كان ينظر أيضا وقد ترك مقود القيادة يسير حيثما يشاء .
تكلم ذالك الكائن وكأنما كان يخاطبني :
_ لو تعلم ما هو العشق لكانت حالتك مثل حالتي .
لم أجب ولكني نظرت لأخي المسكين وهو يبكي والرعب قد ملئ كيانه .
قلت له :
_ لا تتحرك ولا تفعل أي شيء فقط اثبت مكانك وسوف تفرج بإذن الله .

أما سعيد فقد زاد سرعة السيارة حتى بانت أضواء مدينة نزوى من بعيد هنا قال ذالك الكائن :
_ توقفوا هنا .
توقفنا ونزلت أنا وفتحت الباب وبدل أن ينزل الكائن نزل ذلك الشاب ومد يده لي وقال :
_ شكرا لك .
لم أجد بدا من مد يدي له رغم ما كان بي من هلع
وما إن لمس يدي حتى تبسم وقال :
_ سوف تعلم ما أشعر به عما قريب ربما بمثل هذا اليوم ربما من العام القادم .
وما إن ولى مدبرا حتى ركبت السيارة و وسرنا مبتعدين .....

تعليقات

المشاركات الشائعة