رقصة على قبور البشر _ قصة قصيرة _ نثر

بسم الله الرحمن الرحيم


رقصة على قبور البشر

نظرة عذراء الماء إلى عذراء المطر وقالت

_ أرقصي فهذه الحياة فانية . . . واجعلي بني آدم عبيد جمالك الفتان

لكن عذراء المطر لم تتحرك من مكانها لقد علقة عينيها على قبر قريب منها وقالت :

_ ترى من يكون صاحب هذا القبر

أربع فتيات أجمعن على قبور البشر يرقصن .. يتعلمن السحر ويرقصن .. ويكتبن تاريخ البشر ويرقصن

عذراء الماء ذات شعر متموج كالبحار السبع لونه أزرق  وعيون مائلة للزرقة .

عذراء المطر ذات شعر مسدل كستائر الليل المظلم ليس به أي نجم وعيون سوداء مثل ليل شعرها

عذراء الأرض ذات شعر كنار مشتعلة يتراقص حولها قبائل البربر . وعيون حالمة خضراء .

عذراء الريح ذات شعر اصفر مثل سلاسل الذهب وعيون رمادية كأنها الريح  .

قالت عذراء الريح :

_ أنا أعرفه . إنه قبر الراعي بشير . مات منذ 40 عاما . قتله حب إبنة الأمير . طلبها ورفضوه وطلبها ورفضوه . ثم أشبعوه ضربا وآلموا جسده . صعد إلى جبل الغفران وأخذ يناجي ربه وقد سمعت كلامه وهو يناجي الحكيم العزيز ,وقد قتله عشق فتاة , والمسكين لم يعلم أنها لا تحب رعاة الغنم .

قالت عذراء الماء :

_ ولماذا لم يزوجوه ؟

قالت عذراء الأرض

_ إن بني آدم عشقوا المال . ومن لم يملك المال . عنه الناس مالوا .

أشارة عذراء المطر إلى قبر آخر وقالت :

_ ترى من صاحب هذا القبر ؟

قالت عذراء الماء

_ هذا قبر علي البحار . مات منذ 50 عاما . قتله موج البحر هذا هو قضاء الله ليس لمرده شيء من أفعال البشر . يقال أنه صالح وبار بأبويه لقد سمعت الناس يذكرونه على موج البحر ولكني لم أرى زوجته تبكي فراقه أبدا .

قالت عذراء الريح :

_ لا يعلم ما خفي من قلوب البشر إلا الله ولا يعلم ما كان وما يكون وما يجري من حركاة وسكون إلا الله ، وما تخفي القلوب أعلم به الله سبحانه وتعالى .

قالت عذراء الأرض وهي تشير إلى قبر صغير :

_ هذا قبر الطفلة مريم . ماتت منذ 70 عاما . ماتت بعد أن لدغتها أفعى سوداء ، هي أوسط أخوتها وأخواتها ولكن بكاء أمها بل الثرى ، وأبكاني مع بكائها ، رغم أن لديها عشرة من الأبناء وثمانية من البنات ، إلا أن الموت صعب , وفراق الأحبة يبكي من لا يعرف البكاء .

قالت عذراء الريح :

_ أذكر أن بكاءها قد أبكاني ، وأبكى كل من حملت له صوت بكائها , ولكن لو كان البكاء له نفع لكان نفع من قد مات سلفا ، ولكنه عزاء , والعزاء واجب على بني آدم .

قالت عذراء المطر :

_ ذاك القبر العتيق هو قبر إمام المسجد . مات منذ 140 عاما ، مات بعد عام من أصابته بمرض عضال ، أتعلمون أن أهل القرية لم يبكوا عليه ولم يحزنوا لفراقه ، ليس ذا مال ، ولم يكن له ولد ، وليس له زوج ، أفنى عمره بالعبادة ، ولم يشتكي أبدا ، لم يطلب الصدقة ، ولم يقبل الصدقة ، مات شابا صغيرا ، ورغم ذلك مات وهو مبتسم ووضع في قبره وهو مبتسم ، ولم أرى في حياتي أجمل من ابتسامته ، ولكن أمر الله ليس له مرد .

قالت عذراء المطر :

_ أرقصن يا بنات على قبور بني البشر ، فقد عاشوا وعملوا وماتوا ، والله وكيل بحسابهم ، أرقصن يا بنات فإن الفجر قريب ، وسنرى من بني البشر ما لم نراه من قبل ، والله أعلم بما كان ويكون وما جرى من حركات وسكون

--------------------------


تعليقات

المشاركات الشائعة