حكاية ثلاثة عشر شبحا _قصة قصيرة
بسم
الله الرحمن الرحيم
ثلاثة
عشرة فتاة
_
تقول
الأسطورة ..
أن
ثلاثة عشرة فتاة ضحي بهن بهذا الوادي
قربانا لأحد الآلهة ,
إن سبب
التضحية هو الانتصار بالحرب وقد جلس
الإمبراطور على عرشه تماما حيث نجلس نحن
هنا...
لقد
حفظ دماء الفتيات بأواني فخارية ...
وقبل
أن تبدأ الحرب قام برش الجنود بدماء
الفتيات على أمل الانتصار بحربه...
هكذا
كانت نبوأت العرافة ..
ولكن
جيشه أبيد بالكامل ولم يبقى منه رجل واحد
قبل أن تبدأ الحرب ...
_
وماذا
حصل للإمبراطور
_
لا أحد
يعرف ...
على
صخرة كبيرة وأمام أحدى البحيرات بوادي
أخضر جلس (
غريب)
و (
تين
ماي)
.
غريب
شاب عربي تعرف على الشاب الصيني تين ماي
عن طريق الانترنت ومن يومها وهو يزور
الصين بشكل دوري بكل عام مرة أو مرتين أو
حتى ثلاث مرات..
نظر
تين ماي إلى غريب وسأله:
_
هل تنوي
حقا المبيت هنا ؟
_
نعم
...
وما
المانع ؟ ..
لقد
اتـفقت معك على أن نبيت هنا ليلة أمس
تبسم
تين ماي وقال :
_
لقد
رويت لك أقدم الأساطير عن هذا الوادي ...
ومازلت
ترغب بالمبيت فيه ؟
تحرك
غريب إلى سيارته وأخرج خيمة وبعض المعدات
ونظر إلى الشمس التي توشك على المغيب بصمت
وسكون .
عندما
رأى ذلك تين ماي علم أنه لا فائدة من النقاش
فقرر مساعدة غريب على نصب الخيمة .
الليل
بوادي تشاوهي ساكن لا يعكره شيء ومنظر
البحيرة الممتد أمام عيني غريب جعله يشعر
بشيء غريب لا يفهمه ولكنه شعر بالسكينة
.
تين
ماي وغريب شابان أحدهما عربي والآخر صيني
اجتمعا بوادي تشاوهي أراحا جسديهما داخل
الخيمة بصمت وسكون .
_
تين
ماي ...
تين
ماي ..
استيقظ
فتح
عينيه الشاب الصيني بصعوبة وهو يسأل :
_
هل تريد
الذهاب للحمام..
إننا
بالعراء أختر مكانا وقض حاجتك يا ابن
الصحراء .
هنا
ضرب غريب تين ماي على رأسه وقال له :
_
.. أيها
الأحمق أنظر .
كانت
الأضواء تحيط بالخيمة من كل جانب ,
أضواء
مشاعل وأصوت أقدام تمر بالقرب من الخيمة
.
سأل
تين ماي :
_
غريب
ما الذي يحدث ..
ما هذا
؟
قال
غريب:
_
تسألني
وأنا ببلدك ؟ دعنا نرى ما الأمر .
يقال
أن أعلى درجات الخوف هي التي تجعل الشخص
عاجز عن كل شيء حتى النطق نظرات العين هي
التي تخبر بمدى الرعب الذي وصل إليه صاحب
تلك النظرات .
هذا
هو شعور تين ماي وغريب .
تيبس
تين ماي ولم يستطع الحراك وأما غريب فقد
أدار عينيه أمام الدروع البشرية التي
تتحرك أمامه .
عشرات
البشر يقفون من حولهم جنود ,
لم
يكونوا جنودا من هذا العصر بل من العصور
القديمة دروع وسيوف وخوذ تلمع تحت المشاعل
,
لقد
كانوا كلهم بلا عيون ,
فقط
محاجر خاوية من العيون ,
إنهم
أشباح جنود ,
نظر
تين ماي ناحية الصخرة ليرى رجل وحيدا يجلس
على كرسي وقد واجهه أسفل منه ثلاثة عشرة
فتاة قيدن ولكن الفتيات لم يكن ينظرن إلى
صاحب الكرسي ,
كانت
وجوههن موجهة إلى تين ماي وغريب,
جميع
الجنود وصاحب الكرسي على الصخرة بلا عيون
فقط الثلاثة عشرة فتاة كن بأعين يرين غريب
وتين ماي .
ثلاثة
عشرة فتاة كن بأعين ودموع تتساقط كأنهن
الجمان بنظرات يائسة ينظرن إلى غريب وتين
ماي .
تساءل
غريب بصوت هامس كأنه فحيح الأفاعي :
_
تين
ماي ...
هل هم
أشباح ...
هل
الفتيات بشر ؟
تين
ماي يهمس :
_
إن
الأسطورة تعيد نفسها ..
تكتب
الذكريات من جديد .
ومن
حيث لا يشعران مر بالقرب منهما شبح امرأة
يخترق تين ماي وغريب شبح عجوز محدودبة
الظهر تتكئ على عصى طويلة وقد علق بنهايتها
رأس غزال
تكلم
صاحب الكرسي وقال :
_
دعينا
ننتهي بسرعة ...
كان
الكلام موجها لتلك العجوز ,
التي
سجدة للإمبراطور بصمت وسكون ..
ثم قامت
ووجهة نفسها إلى الفتيات و قالت :
_
أنتن
بنات الخطايا كلكن بنات الخطايا واليوم
سوف نطهركن من الدنس ونرفع بكم شرف
الإمبراطور ...
ثم
قامت برشهن بشيء .
_
غريب...
الأسطورة
حقيقة.
كان
صوت تين ماي الهامس يدل على مدى خوفه .
أما
غريب فقد تابع بصمت .
_
شيشين
جئت لك بالضحايا فباركهن ...
جئت لك
بالخطايا فطهرهن ...
جئت لك
بذنوبنا فأخرجهن من بيننا ....
هنا
صاحت فتاة بأعلى صوتها :
_
لا
تلومونا بأخطائكم ..
نحن لم
نكن يوما خطايا أيتها الشمطاء .
صاحت
العجوز اقطعوا لسان الفاجرة وقبل أن تتكلم
الفتاة مرة أخرى كان حارسان يقومان
بإسكاتها...
صرخات
فتاة يشق الوادي..
غريب
صامت وتين ماي يحاول أن يغمض عينيه .
_
لنكمل
ما بدأنا.
هنا
صاحت فتاة وهي أجمل الفتيات:
_
الخطايا
تجر الخطايا وأنتم جررتم موتكم بأيديكم
.
صاحت
العرافة:
_
اقطعوا
لسان الفاجرة.
هنا
صاحت أخرى:
_الخطايا
تجر الخطايا وأنت جررتم موتكم بأيديكم .
وأخذت
صرخات الفتيات تتعالى :
_
الخطايا
تجر الخطايا وأنتم جررتم موتكم بأيديكم
.
هنا
صاحت العرافة بعد أن ضاقت بصرخات الفتيات:
_
اذبحوا
الفاجرات ..
قربوهن
ل شيشين وسوف تنتصرون بحربكم .
سياف
وجرار فخارية ودماء تملئ الوادي..
هذا كل
ما جرى .
ذبحت
الفتيات وملئت الجرار بدمائهن ..
غريب
تسيل دموعه بصمت ..
تين
ماي يشق صراخه فضاء الوادي .
_
انتهينا
...
فلنغادر
.
كانت
هذه هي كلمات الإمبراطور :
قالت
العرافة لأحد الجنود :
_ألقي
بجثثهن النتنة بالبحيرة حتى يتطهرن من
الخطايا .
.........................
لا
يدري تين ماي ولا غريب كيف أن الزمان تغير
وكأنما أصبحوا بمعسكر جند بالقرب من
البحيرة .
_
تين
ماي أفتح عينيك ..
ما الذي
يحدث هنا .
وقف
تين ماي على قدميه بصعوبة ليرى خياما
كثيرة ومن حوله,
الكثير
من الأطياف ..
بل
كانوا أشباح بشر .
_
إنه
معسكر الإمبراطور .
كل
الأشباح قد صبغت جباههم بشيء أحمر ...
لقد
كانوا يصبغون وجوههم بدماء الفتيات.
...
تلك هي
مباركة الحرب ...
دماء
فتيات بريئات من اجل حرب .
قال
غريب:
_
أنصت
.
بسكون
الليل ومن البحيرة أخذت أصوات تتعالى مع
صوت ناي حزين
كانت
أغنية قديمة يحفظها تين ماي منذ نعومة
أظفاره .
_
تعال
يا صغيري لمهدك لتنام
تعال
لتحلم
تعال
فالخطايا لا تنام
تعال
يا صغيري لتنام
تعال
قبل فوات الأوان
تعال
يا صغيري لتنام
تعال
فالمهد يعطيك الأمان
تعال
يا صغيري لتنام
تعال
قبل طلوع الظلام
خرج
الجنود من الخيام ...
وهم
يصرخون ...
كانت
الدماء تسيل منهم...
من
المكان الذي وضع به دم الفتيات .
صراخ
ونداء واستغاثة ملئ الجو ثم صمت وآلاف
الجثث تمتد أمام تين ماي وغريب.
ثلاثة
عشر فتاة يخرجن من البحيرة ويمشين على
الماء كأنهن راقصات على ضوء القمر ...
وجمالهن
ينافس نور القمر ....ويتجهن
لخيمة الإمبراطور .
وهن
يغني :
_
تعال
يا صغيري لمهدك لتنام
تعال
لتحلم
تعال
فالخطايا لا تنام
تعال
يا صغيري لتنام
تعال
قبل فوات الأوان
تعال
يا صغيري لتنام
تعال
فالمهد يعطيك الأمان
تعال
يا صغيري لتنام
تعال
قبل طلوع الظلام
إلا
واحدة كانت تقول :
_
الخطايا
تجر الخطايا
وهن
يمشين نحو الخيمة ثم يختفين هناك ثم بعد
قليل يخرجن وهن يجررن العرافة والأبرا
طور .
وقد
كانا يصرخان ويطلبان الصفح والغفران .
ولكن
الفتيات بصمت وبدون غناء .
كن
يسحبن الإمبراطور
قال
تين ماي :
_
الخطايا
تجر الخطايا يا غريب
قال
غريب :
_
نعم
الخطايا تجر الخطايا
ثم
يختفين بأعماق البحيرة .
_
تين
ماي ..
أفتح
عينيك ...
الفتيات
هنا ..
افتح
عينيك .
جلست
ثلاثة عشر فتاة حول تين ماي وغريب .
وقالت
أجملهن :
_
ثلاثة
ألاف عام ولم ينم هنا أحد واليوم يأتي
زوار لنا .
قال
تين ماي :
_
لماذا
أريتننا هذا .
قالت
الفتاة التي قطع لسانها :
_لماذا
قتلن نحن ؟
قال
غريب:
_لماذا
الخطايا تجر الخطايا .
قالت
إحدى الفتيات:
_لماذا
البشر يرتكبون الخطايا ؟
قال
تين ماي وقد بدأت دموعه بالجريان من جديد
:
_
الحياة
لا تعرف العدل .
قالت
فتاة :
_البشر
لا يعرفون العدل .
قال
غريب:
_
هل
سأراكن مرة أخرى ؟
هنا
وقفت الفتيات وبصمت غادرن المكان .
صاح
تين ماي :
_
هل
سنراكن مرة أخرى ؟
ولكن
لم يجبه أحد واختفت الثلاثة عشرة فتاة
داخل البحيرة
وقد
شق شعاع الشمس فضاء الوادي .
الأساطير
تتجدد و الحياة تستمر إلى الأمام
هذه
هي الحياة .
تعليقات
إرسال تعليق