الصياد .. والطريدة .. قصة قصيرة
كفراشة تقترب من النار وهي تظن أنها الخلاص ،
تبحث عن الضوء ولا تدري أنه تتقدم لهلاكها ، هل تعلم ما ينتظرها ، بالطبع لا ، هي
الحماقة تمشي على قدمين ..
ثم أخذ نفس طويل من السيجارة بين شفتيه ، وأسند
ظهره للكرسي ، كان يحدث أصدقائه بالفتاة التي تمكن منها أخيرا ، هي جديدة لذيذة ،
غرة وحمقاء ، كل المواصفات التي تجعل منها مثالية .
هم ثلاثة ينتظرون الفتاة ، ينتظرون الفتاة التي
ستكون هي المنال لهذه الليلة ، ستكون قصة من قصص ألف ليلة وليلة ، على الأقل
بالنسبة لهم .
قال أحدهم : لماذا هن حمقاوات ، لماذا يصدقن ؟
ومن بين دخان السجارة تحركة شفتي الصياد وهو
يقول : أنت بقرة لا تفهم ، فتاة تمشي في الليل وحيدة ، فتاة تقرأ قصص العشاق وحيدة
في ليالي الشتاء ويدفئها عشقها للقهوة ، ورغم أنها كل ليلة تشتكي من الجوع إلا
أنها لم تأكل معي ، إنه إنتظار الحب ،والموعد الغرامي على ضوء الشموع ، أنها
الوحدة ، الرغبة في الحب ، وصدقني أنا أملك كل الحب في الدنيا ... ثم أخذ يضحك
وقهقه ثم يسعل ويبصق على الارض
دق الجرس ، جر الصياد قدميه متثاقلا ومنتشيا
بوصول الفتاة ، كان وعدها بمجموعة قصصية جديدة ، وعدها بقصص تأخذها معها ، ثم
يحملها لموعد على ضوء الشموع ، مثل حلم كل فتاة على الارض ، ولكن بمجرد أن فتح الباب أمسك بيدها وسحبها
للداخل لتسقط على أرض الغرفة ، ترى شابان
قد وقفا أمامها وعلى محياهم ابتسامة ساخرة من خلف السجائر .
بثوب أسود كظلام الليل يغطي معظم جسدها ، وبشرة
بيضاء كأنها ضباب أبيض في وجه بشري ، كانت جالسة على الارض بلا حراك .
أقفل الصياد الذي سحبها إلى الداخل الباب ، ثم
سحب نفس عميق من السيجارة وهو يقول : ما رأيكم ؟
أشار أحدهم بأبهامه إلى الأعلى دلالة الاعجاب .
أما الآخر فقال : جميلة تستحق الانتظار ، لكن
هزيلة ، وأنت قلت أنها ممتلئة ، وصفك أحمق مثلك .
قال الصياد : لا يهم ، المهم أنها هنا ...
هنا وقفت الفتاة وهي تنفض غبار السجائر العالق
على بثوبها وقد أبتسمت بسخرية .
جائعة ، لقد كنت جائعة لهذا نقص وزني ، كنت
أنتظر صاحبكم هذا أن يدعوني بفارغ الصبر ، لقد كدت أموت من الجوع وأنا أنتظره .
على العموم لم يخيب ظني ، كنت أظنه سيأتي بواحد
فقط ولكن حقا قد أستحق إحترامي ، لهذا سأتركه لآخر الليل ..
هنا أخذة تمزق عنق أحدهم وتلتهم رقبته ،وأمسكت
باليد الاخرى رقبت صديقه لتضغط عليها ثم
يسمع صوت تحطم داخل العنق ، لقد كانت
جائعة ولم يكن بيدها الانتظار أكثر .
وقف الصياد مذهولا ، كيف حدث هذا ، كيف أصبح
الصياد ضحية ، متى ..
لقد رآها بمقهى ،بمنتصف الليل ، كم مرة رأى
فتاة تقرأ رواية حب بمنتصف الليل في مقهى , لقد قابلها عدة مرات في المقهى نفسه في
منتصف الليل ، كان الناس يروحون ويأتون من حولهم ، لم يكن وحيدا معها ، لم تكن
تحمي نفسها ، لقد كان هو من يحمي نفسه ، لقد كان هو الضحية منذ البداية ، لقد كانت
تتضور جوعا منذ أول يوم رأته .
تعليقات
إرسال تعليق