حتى الأشباح تعشق _ قصة قصيرة
ماريا عاشقة ، عشقته رغم أنها ميته ، هي عاشقة ، رغم أنها جثة في
ركن ما ، في مقبرة تشارلز الثامن ، تعلم أنها ميته ، وأنها في عالم آخر ، ولكنها
عشقته ، لم يكن لها قلب ينبض ، لم يكن لها عقل يفكر ، ولكنها عاشقة ، هل هو ذنبها
أنها ميته ، هل هو ذنبها أنه حي بين الأحياء ؟
تنتظر موعد قدومه بفارغ الصبر ، تنظر إلى باب المقبرة لعله يدخل في أي لحظة ، وعند قدومه ، ينحني على قبر نحت عليه اسم ماريا ،
هو نفس اسمها ، لكنه ليس قبرها ، هو لطفلة
صغيرة ، لطالما رأت طيف الطفلة يلعب بين شواهد القبور ، قبل أن يغادر للعالم الآخر
.
قبل
أن يتلاشى وتعلم الطفلة أنها لا تنتمي لهذا العالم .
ماريا تعشق ، تهيم حبا في حبيب يبقى لدقائق
على شاهد قبر في مقبرة تشارلز الثامن ، ثم يغادر من دون أن يلاحظ أنها تضمه ، تضع
رأسها على ظهره وهو جالس أمام شاهد القبر ، وتتنهد حرقتا وشوقا لصدره
، لدفئ الحياة في روحه .
لطالما جلست وحيدة ، تراقب الطريق ، تراقب
الظلام ، تراقب المطر ، تراقب القمر و النجوم ، تراقب الشروق والغروب ، تراقب الأطفال
والفضوليين الذين يفتشون عنها ، يفتشون عن شبح فتاة في مقبرة تشارلز الثامن ،
يمرون من أمامها ، يخترقون طيفها ، دون أن يشعروا بوجودها .
لماذا لا يوجد أحد غيرها في المقبرة ، لماذا
يرحلون بسرعة ، لماذا قلبها معلق في هذا العالم ، ربما لأنها تنتظر ، بكل أسى
تنتظر أن ينظم لها من تعشق ، أن ينظم لها في العالم الآخر .
على باب المقبرة وقفت تنتظر قدومه ، تنتظر أن يعود قلبها إليها ، تنتظر
رؤيته .
وفي يوم ما ، عندما كان مقبلا يحمل وردة
بيضاء في يمينه ويحاول قطع الطريق عندما رآها ، توقف لينظر لها ، لقد رأى ماريا ، طيف
يقف متلهفا لمن يعشق على باب مقبرة .
طيف يقف حزين ينظر لشاب ، شاب يقف في الطريق
ينظر لطيف فتاة ، معلق قلبها بقلبه ، لم يجزع ، لم يخف ولكنه لم يرى شبح فتاة من
قبل .
وفي رمشة عين ، في لحظة كأنها برق في السماء ،
سقط الشاب صريعا بعد ان دهسته سيارة ، ربما لهاذا رآها ، لأن وقته قد حان ، لأن ساعته
قد دنت .
صرخت
، شيء ما مازال متعلق بحياة الفانين ، تخاف على من تعشق ، تخاف ان يصيبه مكروه .
الفتاة تبكي ، تجزع على باب المقبرة ، عندما
رأته يغادر جسده المحطم ، ينظر للناس من حوله يحاولون إعادة روحه للجسد الميت ، هم
لا يعلمون أنه غادر الجسد ، وهو لا يعلم ما الذي جعله يغادر جسده .
أما هي فما زالت تبكي على باب المقبرة ،
عندما رأت فتاة صغيرة ، لطالما رأتها تلعب بين القبور ، أسمها مريا ، تمسك بيد شاب
للتو قد غادرت روحه جسده ، لتذهب معه للعالم الآخر .
لم تستطع القول أني أحبك ، لم تستطع ضمه
للمرة الأخيرة ، لم تستطع القول الوداع ، رأته يغادر دون كلمة وداع ، بكت لفراقه ،
طيف ماريا ينتحب ، هي معلقة بعالم الفانين ، تعشق في عالم الفانين ، ومن تعشقه قد
غادر للأبد .
تعليقات
إرسال تعليق