تحت شجرة المانجو _ قصة قصيرة







قرية مجهولة ، لم يذكرها التاريخ ، لأن التاريخ نفسه لم يسمع بها ، لماذا ، لأن أهلها لم يريدوا ان يعرف عنهم أحد ، الطريق الوحيد الذي يربطهم بالعالم الخارجي ، طريق ترابي يمتد لمسافة تكفي لأن تجعلك تتقيأ كل ما في معدتك  ، تكفي لأن تموت من لدغة ثعبان  وأنت في طريقك للمستشفى ، تكفي لأن تكتب قصيدة تكون من المعلقات السبع .
هناك  تحت شجرة المانجو جلست رقية ، جلست كما هي عادتها ، كأنها لم تغادر ظل الشجرة أبدا ، وحولها أطفال القرية ، كل الأطفال من حولها تحلقوا ، يلعبون بالأرجوحة  ، يتسابقون ، أو يستمعون لحكايات رقية ،
لم تنزعج من بكاء احدهم ، ولم يزعجها أن تترك الأم اطفالها تحت ظل الشجرة  ثم تمضي ، كانت الحارس الغير رسمي لكل أطفال القرية ، لكل طفل لم يبغ الخامسة من العمر .
حكايات رقية لا تنتهي ، لطالما كانت تبدأ بكان يا ما كان ، وتنتهي ب تزوج الفارس الحسناء ، دائما هناك فارس  وهنالك حسناء ، لم يكن هنالك جن ولا عفاريت ولا عجوز شريرة ، كان هنالك فارس يحارب ، وحسناء تنتظره ، وشيخ قبيلة ينافس الفارس المغوار .
حكايات بسيطة يفهمها الطفل ، تجعله يحلم بالبطولة ، ولا تخيفه من اشرار القصة .
وعند أنتصاف النهار ، وعند مغيب الشمس ، هما موعد رحيل الأطفال ، لتجدد موعد الأطفال مع رقية من جديد ، في دائرة فلكية كونية تمتد لعشرات السنين ، لا تنتهي ، ولن تنتهي
_ لما اكبر سأتزوجك .
قالها طفل من الاطفال بعد قصة فاز بقلب الحسناء
لطالما سمعت هذه الجملة من أطفال القرية الصغار ، الذين لا يعرفون ما هو الزواج ، ولكنهم يعرفون أن الزواج هو الحب .
ولطالما  كانت ترد عليهم بشيء واحد فقط .
_ عندما تكبر لن تتذكر انك وعدت فتاة اسمها رقية بالزواج .
لو كان هنالك مسابقة لعدد الخطاب لكانت رقية فازت بالمركز الأول ، لقد تلقت وعودا بالزواج بعدد ثمار شجرة المانجو العتيقة .
كانت رقية دائما وأبدا هناك ، تحكي الحكايات ، بالنسبة لشباب القرية وكبار السن ، كانت رقية مجرد شجرة مانجو عتيقة في وسط القرية ، يلعب هناك الأطفال منذ أزل الأزل إلى أزل الأزل ، وبالنسبة للأطفال ، كانت رقية فتاة حسناء ، تذهب العقول بجمالها ، لم يدركوا انها شبح فتاة ، رحلت منذ سنين طوال ، دفنت هناك حيث شجرة المانجو ونبتت على بقايا جسدها تلك الشجرة العتيقة ، لتصبح رقية اسطورة  تحكي الاساطير .
هي هناك ، لطالما كانت هناك ، تحكي الحكايات لمن هم دون الخامسة ، ومن تجاوز الخامسة ، ينسى انه اعطى وعدا بالزواج ، ينسى أنه تقدم لخطبة الحسناء ، وتنسى الطفلة أنها تعلقت برقية ، لتكون هي حسناء حكايات رقية ،  وينسى الجميع حكايات الفارس والحسناء . ينسى الجميع ذكريات  شجرة المانجو ،  ، ولا يعرف سوى شجرة يقال أن أسمها  رقية ..
كلنا رأينا رقية في يوم من الأيام ، ووعدنها بالزواج ، ولكننا نسينا ، ،
وليتنا لم ننسى ...
منصور
25-9-2018


تعليقات

المشاركات الشائعة